تطبيقات عملية لانترنت الأشياء في حياتنا اليومية وفي الأعمال الخيرية
- بواسطة الكاتب: هدى الميداني
- مدة القراءة: 6 دقائق
- نُشر بتاريخ: 07/09/2017
الرابط المختصر:
mozn.ws/13221
التصنيف:
محاور المقال
يتصدر انترنت الاشياء (Internet of Things) أو اختصاراً IoT الرؤى الآفاقية لدور التكنولوجيا الرقمية في حياتنا المستقبلية والثورة الصناعية القادمة، ولكننا غالباً ما نشعر في المؤسسات الخيرية التي غالباً ما تكون خدمية وحتى عندما تكون صناعية أو زراعية أن الأمر لا يعنينا، فهل هذا دقيق؟
وإذا ما اتفقنا على أن مصطلح انترنت الأشياء يشير إلى: مجموعة التقنيات البرمجية والعتادية التي تمكن الأجهزة الذكية الموصولة على الانترنت من التخاطب وتبادل البيانات ومعالجتها من أجل تسهيل حياة الناس، وجعلها أكثر رفاهية أو أكثر إنتاجية أو أكثر كفاءة في استخدام الموارد، فهل سيجعلنا هذا نأخذ تطبيقات انترنت الأشياء بجدية أكبر؟ ربما نعم وربما لا.
الأتمتة وانترنت الأشياء
كثير من هذه الأنظمة انتشرت قبل قدوم انترنت الأشياء وعرفت بأنظمة الأتمتة الصناعية وأتمتة المباني وغيرها، فما الشيئ الجديد اليوم؟ في الحقيقة في بعض الأحيان لا تختلف الوظيفة العملية التي كانت تقوم بها أنظمة الأتمتة عن الوظيفة التي تقوم بها تقنية انترنت الأشياء اليوم، إلا أن الاختلاف يكمن في انتشار البروتوكولات القياسية في هذه الأنظمة وعلى راسها بروتوكولات الانترنت وصولاً إلى أنظمة التشغيل للأجهزة الموصولة الذكية وكذلك القدرات الهائلة على التخزين والمعالجة وتطور معالجة البيانات الكبيرة وتقنيات الذكاء الصنعي ما أدى إلى انخفاض كلفة الأنظمة وزيادة كفائتها، وأخيراً العلاقة القريبة والحميمية مع المستخدمين والتي تظهر بوضوح اليوم في استخدام أجهزة الهواتف المحمولة الذكية أو الأجهزة المنزلية الذكية مثل البراد الذكي والتلفزيون الذكي (تقنيات البيت الذكي).
تقنية انترنت الأشياء
في البداية، دعونا نتذكر أن تقنية انترنت الأشياء تبنى على بنية تحتية عتادية وبرمجية تؤمن الاتصال الدائم بالانترنت لجميع الأجهزة الموصولة على الشبكة وتعمل البرمجيات على هذه الأجهزة المضمنة بالاتصال بالانترنت وإرسال واستقبال البيانات ومعالجتها وفقاً لقواعد الوظائف العملية المطلوبة منها، تدعى هذه “الأجهزة المتصلة الذكية” وبالانجليزية Connected Smart Devices والتي يصل عددها إلى 9 بليون جهاز ذكي متصل بالانترنت عالمياً في 2013 حسب استبيان قامت به شركة HP ، ويمكن تمثيل عناصر التقنية ببساطة بالشكل التالي:
إن البنية العتادية تتألف من أجهزة التشبيك (الراوتر، الموصلات، إلخ) والحساسات (حساسات الإضاءة، الكاميرات، حساسات تدفق، حرارة، رطوبة، حركة، إلخ) ومعالجات مضمنة في أجهزة صغيرة لمعالجة البيانات وتخزينها، إن البنية العتادية تتضمن حاسبات ومخدمات (Servers) موصولة على الانترنت، أما البنية البرمجية فتتضمن برمجيات التشبيك وأنظمة التشغيل على الأجهزة والتطبيقات المخصصة لأداء الأعمال التي تعمل وفق الطبقة الثالثة والتي تعنى بقواعد الأعمال والوظائف وتبنى حسب الهدف المراد من النظام (برمجياً وعتادياً) وبكلمة أخرى “وظيفة الشيئ” وتتكون من خوارزميات منطقية وذكاء صنعي، قد يتم تطبيق هذه الخوارزميات على الأجهزة المضمنة أو على المخدمات ولكنها في جميع الحالات تكون مسؤولة عن معالجة البيانات الكثيرة Big Data الواردة إليها من الحساسات والمخزنة لديها لتعطي أفضل القرارات وأدقها لخرج هذه الأشياء والذي سيتمثل في المساهمة في تحسين جودة حياة الناس وإنتاجيتها وكفائتها.
[irp]
انترنت الأشياء في عالمنا العربي
لا يزال استخدام انترنت الاشياء محدوداً في حياتنا اليومية وخصوصاً في معظم أرجاء عالمنا العربي، إلا أن تطبيقاته أخذة في الانتشار مع التوسع الكبير في استخدام أجهزة المحمول الذكية من قبل الناس وتوافر الاتصال الدائم بالانترنت والخدمات المالية الإلكترونية وتقنيات بيع التجزئة في المولات والمحلات الكبيرة والأجهزة التي يمكن لبسها (wearable) مثل الساعة الرياضية الذكية، إضافة إلى أنظمة الأمن والسلامة وأنظمة الاستخدام الأمثل للطاقة في المباني والمعامل وتعبئة الوقود.
يظهر الشكل أعلاه الدراسة التي قامت بها IoT Analytics عام 2016 أن الاستخدام الأشهر في العالم العربي وافريقيا وباستبعاد تقنيات البيت الذكي والأجهزة القابلة للإرتداء) أن المدن الذكية تليها الصناعة هي أكثر المشاريع استثماراً لتقنية انترنت الأشياء في العالم العربي وافريقيا وهذه المعلومات وبالرغم من تواضعها تشكل حافزاً للبحث أكثر عن المشاريع التي تستثمر في انترنت الأشياء ونقل تجربتها وتعميمها وتعميق جذورها.
تبدو لي أجهزة المحمول الذكية اللبنة الأكثر فعالية في توسع انترنت الأشياء في عالمنا العربي، إذا أن أنظمة التشغيل فيه Android و iOS أصبحت قياسية وتقنيات تطوير التطبيقات منتشرة بين المطورين، وأصبح استيراد الأجهزة المتصلة بالانترنت الذكية “الأشياء” أو حتى تصنيعها وبرمجتها وربطها على الانترنت وبالأجهزة الوظيفية الأخرى أسهل من أي وقت مضى، وأصبح التحدي بالنسبة لنا هو تصميم وتنفيذ أنظمة توفر جودة لحياة للناس تقنعهم بشرائها أو تزيد انتاجية أعمالهم أو توفر مصادر إضافية للعائدات أو توفر مصاريفهم فتؤمن استخداماً أكفأ للموارد، عندها سيكون الاستثمار في تنفيذ هذه الأنظمة وصيانتها أمراً مجدياً.
من الأمثلة العملية لانترنت الأشياء هو ما تقوم به بعض المؤسسات التي يتطلب عملها توزيع الوقود، حيث تستخدم حساسات مناسبة لجمع معلومات عن مستويات الوقود في الخزانات وكمية التدفقات لضبط عملية التوزيع ومنع الهدر والسرقة، ومن الأمثلة أيضاً هو أنظمة الاستخدام الأمثل للطاقة في المباني والمؤسسات والتي تقوم بفحص استهلاك الطاقة و مقارنته مع منحيات قياسية لمعرفة الخلل واتخاذ الإجراءآت المناسبة، كما يمكن استخدام تقنيات انترنت الأشياء لمتابعة ري المحاصيل الزراعية والحدائق وسلامة المزروعات، ومتابعة إضاءة الشوارع و أنظمة الطاقة الشمسية وكذلك الانظمة التي يتم تصميمها من قبل البنوك وشركات الاتصالات ونقاط البيع والتي تعمل معاً على توفير تقنيات محافظ النقود الرقمية وربط تجربة الشراء من الانترنت مع الشراء من المحلات وصولاً إلى متابعة عملية التعليم في المدارس وتوزيع وشراء المعونات الغذائية في الجمعيات الخيرية والحالات الصحية للمستفيدين في البيوت والمشافي والصيديليات ومتابعة عمليات المستودعات وحركة البضائع، بالإضافة إلى متابعة جودة الخدمات مثل وقت الانتظار في الدور وأعمال الموظفين من حيث الدوام والانتاجية ومستوى رضا الزبائن والمستفيدين من خلال منصات بسيطة في أماكن الحصول على الخدمات كل ذلك بتقينات أصبحت متاحة وذات كلف معقولة.
تحديات والتزامات
ومع أن انترنت الأشياء تقدم الكثير من الفوائد إلا أن هناك أموراً لابد من أخذها بعين الاعتبار عند تصميم هذه الأنظمة وهي احترام خصوصية الناس وسرية معلوماتهم وأمنهم وسلامتهم من الأخطاء البرمجية والعتادية والاعتداءآت، والتأكد من أنهم يقودون تواصلهم مع الأجهزة بدل أن يكون العكس فلا يتم التأثير على قراراهم ولايتم التمييز ضدهم، ومع أن هذه المتطلبات صعبة التحقيق إلا أنه يجري تطوير معايير قياسية تصميمة يمكن للمصممين والمنفذين اتباعها والمساهمة في تطويرها.
وأخيراً، يتطلب الاستخدام الأمثل لانترنت الأشياء في حياتنا توجهاً جماعياً بحيث تصبح كلفة التطوير والتنفيذ قليلة أمام المنافع الممكنة، وحيث أن قيمة الحلول تقاس بما تأتي به من عوائد مالية أو ما توفره من مال إلا أن العمل الخيري والاجتماعي له مقاييس أخرى تتصدرها جودة حياة الناس وعدالة التوزيع والتأكد من كفاءة استخدام الموارد وجودة الخدمات، وإذ أن هذا لا يأتي بزبائن جدد كما في الأعمال التجارية إلا أن اهتمام المتبرعين بتطوير هذه الأنظمة والحلول وتفضيل المؤسسات التي تسعى إلى أمثلة عملها سيمكننا من حصد بعض من منافع هذه التقنيات الحديثة في حياتنا اليومية وفي مؤسساتنا.
الوسوم:
هل أعجبك المحتوى؟
اقرأ وطور معرفتك التقنية واكتسب المهارات
شارك المحتوى مع من تحب